حيث أكون






قروي في أزمة !

منذ سنوات طويلة غادر قريته الصغيرة لظروف لا دخل له فيها ... فوجئ بعالم أوسع وحياة أرحب .. مدينة واسعة بضجيجها وكثرة ساكنيها واختلاف عاداتهم وتقاليدهم ... مبانٍ شاهقة ، وأماكن للتسلية ومحلات تجارية كبيرة يزدري بمرآها دكان قريته الصغير .


تذكر القرية التي لا يوجد بها إلا أناس قلائل يحفظ أدق تفاصيل ملامحهم والكثير من تفاصيل يومياتهم المتواضعة ، أناس لا همَّ لهم سوى الحصول على ما يسد الرمق وأداء العبادات الدينية دونما تأخير وطلب الله في الستر والعافية ... وهو بطبعة يميل نحو التمدن – ولا أقول الانفتاح – فَكَرِهَ القرية وهجرها إلى غير رجعة غير أنه يحرص على استعادة شيئاً من ذكرياته فيها استجابة لإملاءات الظروف الآنية كمقابلة إحدى لداته اللذين لا زالوا متعلقين بها كدلالة رمزية على أن من طبعه الوفاء لمن عايشهم يوماً ما .

اكتسب من المدينة شغبها وضوضائها والتفاف طرقها فألف الدعابة حيناً وكثير من المراوغة أحياناً أخرى ، تغشاه السكينة – نادراً _فيظهر التسامح ويغلبه الطيش دائماً فيرمي بشررٍ ذات اليمين وذات اليسار ليشبع نفساً مأزومة تاهت في طريق السير بين مدينة كبيرة وقرية نائيه

بائعة الكاذي والريحان

كانت تأتي إلى قريتنا بمعدل مرة في الاسبوع ، معها كيس تحمله دائماً يفوح بالروائح الطيبة كروحها الطيبة ، ارتبط حضورها بتلك الروائح الجميلة ، طيبة مبتسمة دائماً رغم خطوط الزمن التي نسجت على وجهها وكفيها ، ولأن الكل كانت قلوبهم وأرواحهم طيبة كانوا لا يخيبون أملها فيشترون منها كل حسب ذوقه فمن مشترية برك وآخر ى ريحان وثالثة كاذي وكل الزبائن من النساء .. كان ذلك الزمن ملىء بالحيوية والطيبة والتفاؤل رغم أن كل النساء كن في عداد العاملات بين راعية وزارعة بالاضافة لمهنة المنزل التي تتطلب جلب الماء وإن كان بكميات قليلة ولكن من مسافة ليست بالقصيرة وإعداد طعام قليل مجهد يتم بطريقة بدائية ، تبدل الحال وتغير الزمان واختفت بائعة الكاذي والريحان كما أختفى ذلك الزمان الذي بقي منه الذكريات الجميلة في زمن حاضر كثرت فيه الآهات والأحزان نزداد بها لوعة مع كل رائحة للكاذي والريحان .

المنقذ !!

صحراء قاحلة بمد البصر .. شنة بها قليل من الماء يتناوب الرفاق على شرب قطرة منه كل ساعة .. نظرة هنا وهناك عل أمل يتجدد بقرب الفرج .. سراب خادع يراه الصحبة ما أن يقتربون منه حتى يبتعد .. الكل بدأ يحلم هل من منقذ ؟

بدأت الأمنيات وتجددت الطموحات ..

بدأ الرهان وظن كل واحد في نفسه أنه هو المنقذ ..

بدأ الأول ففرض الفرضيات واختبرها وكانت النتيجة .. لا شىء ...

جرب الرفاق الواحد تلو الآخر أن يقوم بدور المنقذ ..

وفجأة ...

طاف بخيال أحدهم طائف من خيال ..

أعرف في زاوية بعيدة من زوايا الصحراء رجلاً سيكون المنقذ ..

تجدد المسير ...

زادت الخطى ...

لأن القناعة تغيرت ..

كان الرهان أولاً على الأفكار ..

أصبح الآن رهان على الأشخاص ..

ولكن ..

طال المسير واختفى السراب فجأة ...

اقترب المساء .. وحل الظلام ..

لتكون النتيجة الحتمية ...

الرهان على الخسارة لا يولد سوى الخسارة ...

ولا أحد يفكر من أجلك ...

والمنقذ الوحيد ...

عقل غيبه صاحبه عمداَ ...

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More